بقلم : خدة اهل الشيخ
تتجه الأنظار حاليا إلى القلعة الاستقلالية، بوصفها أحد قلاع الموالاة في الحكومة الحالية، ولما تتمتع به من حيوية وفعالية وحضور جماهيري كبير ومتنوع.
وفي حين تترقب الساحة الوطنية بتلهف موقف حزب اليمينيين المحافظ، الذي يدخل قادته حاليا وفي مختلف مؤسساته في دورة مشاورات موسعة هي ما سيفضي في النهاية إلى القرار المهم المنتظر من طرف الجميع.
وقد عرف عن “حزب القسطاس” جنوحه نحو التشاور الموسع الذي دائما ما يسبق قراراته خاصة النوعية، كما عرف بمخاض مؤسساته الصعب ومداولاتها الجادة، فليس “حزب علال” بالحزب الذي يسيطر عليه فرد أو مجموعة أو عائلة، بل هو بلا منازع أفضل وأعرق التشكيلات المؤسسية التشاورية في البلاد.
وعادة ما تمر قرارات الحزب خاصة المؤثرة منها بمسار مشاورات موسعة قد تشمل حتى الهيئات الحزبية والقاعدية.
ينتظر جميع الاستقلاليين الآن ما ستؤول إليه مقاعد اللجنة التنفيذية التي يسبقها دراسة متأنية لميزان القوة داخل الساحة الإستقلالية ولقاءات واتصالات بمختلف الفاعلين في المشهد السياسي للحزب، وتصورات ودراسات وجمع لما تيسر من معلومات ومعطيات عن من سيشغل مقاعد المكتب التنفيذي وهو ما حصل بالفعل ويوشك أن يكتمل..
والآن وقد قربت ساعة الحسم فلا بأس بشيء من القراءة والتحليل للأرضية التي ينطلق منها الحزب “الوردي” وما يستشرف من فرص وتحديات وسيناريوهات، بعد عقده مؤتمره الثامن عشر، وهي قراءة مهمة في رأيي لقيادة الحزب وقاعدته أولا، ومهمة كذلك لمختلف الدوائر الوطنية المترقبة لقرار الحزب والتي قد تفاجأ بهذا القرار أو ذاك.
ان حزب “الاستقلال” الذي اختار كثيرا أن يغلب كفة الإجماع الوطني على شخصيات ممثلة لجهات كانت مقصية لعقود من الزمن تحت مسميات لا مكان لها بين مواد القانون الاساسي للحزب، لكن يبدو أن تلك العقود اصبحت من الماضي البعيد بعد أن فرضت النخبة السياسية المثقفة في قلعة الاستقلالية نفسها من خلال تحقيقها للزخم المطلوب والديناميكية المؤثرة.. التي توشك أن تقف حاليا على أرضية مفتوحة على عدد من الاحتمالات التي أصبحت متقاربة في تأثيرها وكلفتها وحجم التحدي فيها ومستوى التبني لها داخل قيادة الحزب ومناصريه..
إن ماتقدم هو ما يجعلني أتوقع جلسة ساخنة لاجتماع أمينه العام نزار بركة بتيار ولد الرشيد الذي كان يعتبره الكثيرون المتحكم في دهاليز الحزب وهياكله، عكس تيار آخر يعتبر هو تيار التجديد المثقف تحت قيادة الامين العام نزار بركة وداعميه كالاخ عبد الصمد قيوح عن جهة سوس وعمر حجيرة عن جهة الشرق والاخ الخطاط ينجا عن جهة الداخلة وادي الذهب ومجموعة اخرى .
قبل الخوض في تفاصيل الخيارات والسيناريوهات لا بأس بالتذكير بجملة منطلقات منهجية تعتبر ضرورية
لفهم سياق حديثنا:
إن ما شهده الحزب في العقدين الأخيرين من تحولات عميقة في خارطة مشهد السياسي داخل لجانه وهيئاته، هو ما تم نسفه من خلال لجنة القوانين التي فعلت مجموعة من المواد اهمها تفعيل المفتشية العامة ليسقط تحتها صنم تنسيقية الجهات الثلاث، هذا القانون الذي أخد حقه من الدراسة والاعتبار والاستدراك، لتتكيف النخبة السياسية مع هذا الوضع الجديد الذي تطلب وجود رؤى ومواقف وأساليب جديدة.
إن اللجنة التنفيذية التي شهدت كواليس انتخابها شد وجذب بين التيارات الاستقلالية حول الولوج لها والذي تم حسمه في ولايتين متتاليتين بالمجلس الوطني لصالح تيار أهل الرشيد لغاية في نفس يعقوب من اجل اغلاق الباب في وجه جهة الداخلة وادي الذهب ممثلة في الخطاط ينجا الذي أبى إختزال جهته في جهة العيون الساقية الحمراء التي كانت تختزل ثلاث جهات في جهة واحدة.. فلا يخفى على احد ان الاتفاق الذي ابرم بين التيارين الاستقلاليين تم بإنتخاب اللائحة عكس المباشر من اعضاء المجلس الوطني..
إن السيناريوهات و الخيارات التي يمكن الاخذ بها لتجاوز الخلافات الداخلية كثيرة، ومعقدة، إذا لم يتم تغليب المصلحة الحزبية على المصالح الخاصة والضيقة..
أولها أن يدفع كل تيار بمرشحيه من داخل اللجنة التنفيذية، دون أن يعترض على المرشحين من التيار الآخر وهذا الخيار وإن استبعده البعض، فهو الخيار الطبيعي، والاحتمال الأول..
أما الخيار الثاني فهو ما يتم ترويجه على انه اتفاق اولي، وهو تقسيم اللائحة على الشكل التالي :
13 مرشح لحمدي و 13 مرشح لنزار بركة بالإضافة الى 4 اعضاء له يتم تعينهم من الامين العام ليبقى 8 مرشحين محايدين..
الخيار الثالث وهو الاخير بعد عدم التوصل لإتفاق على اللائحة يتم الانتخاب المباشر من اعضاء المجلس الوطني .
في الختام، يظهر أن القرارات التي تُتخذ بعناية وتفريغ زمني كافٍ لمناقشتها تكون أكثر قربًا من تعبير عن هوية المؤسسة واتجاهها، وبالتالي تكون أكثر دقة وصوابًا.