وإن المؤتمر العام الثامن عشر وبعد استعراض السياقات والتحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها بلادنا، يؤكد على ما يلي:
أولا: يشيد المؤتمر بالمكتسبات الكبرى التي حققتها بلادنا تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بخصوص قضية وحدتنا الترابية،كما ينوه وبالدور المحوري الذي يقوم به جلالته باعتباره ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة، والذي أكد بشكل واضح في خطابه السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة على المبادئ الثابتة والاختيارات الاستراتيجية لبلادنا في التعامل مع هذه القضية المركزية، إذ لا تفاوض حول مغربية الصحراء، وإنما التفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، وعلى قاعدة مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية في إطار السيادة المغربية كأرضية وحيدة للنقاش، والموصوفة أمميا بالجدية والمصداقية والواقعية.
كما يشيد المؤتمر بالمقاربة الملكية الجديدة التي تجعل الشراكات الاقتصادية والتجارية لبلادنا مستقبلا مشروطة بشمولها لكافة الأراضي المغربية من طنجة إلى الكويرة وبكون ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح و الوحيد الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.
ويعبر المؤتمر عن التجند والتعبئة الشاملة للاستقلاليات والاستقلاليين خلف جلالة الملك من أجل الذوذ عن وحدتنا الترابية والاستمرار في تقوية الجبهة الداخلية وتمنيعها، ورفع منسوب اليقظة والجاهزية لدى المواطنات والمواطنين للتصدي لجميع مناورات أعداء وحدتنا الترابية في مختلف المواقع .
ويعبر عن امتعاضه الشديد من التصرفات اللامسؤولة والمضايقات والاستفزازات التي تقوم بها الجزائر، والتي تسعى إلى تأزيم الوضع في المنطقة، وزرع الفتنة وتهديد الاستقرار والامن، ونشر الحقد والضغينة بين الشعبين المغربي والجزائري ، والحيلولة دون تحقيق طموحات الشعوب المغاربية.
كما يعتبر المؤتمر أن محاولة الجزائر تهريب مشروع اتحاد المغرب العربي الكبير، وتوظيفه كورقة سياسية لخدمة أجندتها المفضوحة، يشكل خيانة للرعيل الأول من رجالات الحركة الوطنية التحررية لهذه الدول، وانقلابا على روح مؤتمر طنجة التاريخي، ومحاولة لوأد التطلعات المشروعية للشعوب المغاربية ولطموحاتها وتطلعاتها.
ويجدد حزب الاستقلال الدعوة إلى فك الحصار المضروب على إخواننا في مخيمات العار بتندوف من قبل النظام الجزائري وصنيعته البوليساريو، والذين يعانون ظروفا لاإنسانية قاسية وتمتيعهم بحقهم الإنساني في حرية التنقل والالتحاق بأرض الوطن والمساهمة في المسار الديمقراطي والتنموي للأقاليم الجنوبية في أفق تنزيل الحكم الذاتي بمضامينه الديمقراطية والتنموية في ظل وحدة بلادنا وسيادتها الوطنية.
كما يدعو حزب الاستقلال مختلف مكونات الشعب المغربي إلى التحلي بالمزيد من التأهب واليقظة ووحدة الصف وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة مؤامرات خصوم وحدتنا الترابية وتعزيز الدينامية الايجابية التي رافقت تطورات قضيتنا الوطنية ومواصلة الجهود الدبلوماسية بأبعادها الرسمية والبرلمانية والحزبية والشعبية والاقتصادية وتقوية نجاعة الإستراتيجية التنموية في أقاليمنا الجنوبية في إطار مغرب موحد وديمقراطي.
إن هذا المسار الترافعي لبلادنا عن عدالة قضية وحدتنا الترابية جسدته مختلف التأكيدات التي أعلن عنها مجلس الأمن في العديد من قراراته، وكذا اعتراف القوى العظمى بمغربية الصحراء كما هو الشأن بالنسبة للاعتراف الأمريكي في 20 دجنبر و2020 ورسالة رئيس الحكومة الاسبانية في 14 مارس 2022، كما توج بفتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة لدول من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في مدينتي العيون والداخلة، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بجمهورية الوهم.
إن حزب الاستقلال يؤكد أن ملف الوحدة الترابية لبلادنا لن يطوى بشكل نهائي إلا باستعادة الثغور المغربية المحتلة كافة إلى حضن الوطن.
ثانيا: يؤكد حزب الاستقلال على موقفه الثابت المتعلق بنصرة القضية الفلسطينية وحقوق، وتضامنه المطلق والامشروط مع الشعب الفلسطيني ونضالاته من أجل استرداد حقوقه المشروعة كافة. ويدين جرائم الحرب التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر، والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء جلهم من الأطفال والنساء وإذ يجدد حزب الاستقلال رفضه لهذه الحرب ويطالب المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في حماية المدنيين العزل، ويشجب الحصار المفروض على قطاع غزة في ظل حرب لا تحترم قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بالنزاعات المسلحة.
ويشيد حزب الاستقلال بالدور المهم الذي يلعبه جلالة الملك باعتباره رئيسا للجنة القدس في الدفاع عن الفلسطنيين وحقهم في إقامة دولة فلسطينة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. كما يشيد الحزب بالمساعدات التي قدمها جلالة الملك للمواطنين الفلسطينيين عبر الجسر الجوي الذي تم من خلاله توزيع المواد الغذائية والطبية والمستلزمات الضرورية للحياة في غزة، في ظل الحرب التي دمرت البنية التحتية بكاملها، والتي خلفت شبح مجاعة لم يشهد لها العالم مثيلا منذ الحروب العالمية الكبرى.
ثالثا: يجدد المؤتمر تشبت الحزب بالدين الإسلامي وبتعاليمه المبنية على الوسطية والاعتدال، وبمقاصد الشريعة الإسلامية الداعية إلى احترام قيم الكرامة والمساواة والحرية والعدل؛ وبالملكية الدستورية باعتبارها الضامنة لاستقرار الوطن ووحدة الشعب؛ وبالخيار الديمقراطي، وبالتكريس الدستوري لحقوق وحريات الإنسان المغربي، وبالمقتضيات الدستورية المتشبعة بالهوية الوطنية والقيم الكونية الرامية إلى تعزيز قيم السلم والأمن والسلام والديمقراطية.
رابعا: يجدد المؤتمر العام التأكيد على أن المؤسسة الملكية كانت ولا تزال حاضنة لانتظارات وتطلعات الشعب المغربي قاطبة وضامنة لوحدته الوطنية ومحصنة لسيادته بمفهومها الترابي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، مما يحتم علينا جميعا مواصلة توطيد وتقوية التحام العرش بالشعب واستحضار روح ثورة الملك والشعب، وتجديد العهد على العمل من أجل إطلاق جيل جديد من الإصلاحات على المستويات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتعزيز وتقوية اللحمة الوطنية من أجل مواجهة مختلف التحديات الخارجية والداخلية.
خامسا: يعتبر المؤتمر العام لحزب الاستقلال أن موضوع الهوية المغربية تواجه اليوم تحديات متنوعة تفرضها قيم الفردانية المهيمنة على العالم، وكذا التوظيف المتزايد للتكنولوجيا والرقمنة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلام والمعلوماتية بما يجعلها أحياناتهدد قيمنا وهويتنا و أفكارنا ومعتقداتنا ويحول دون إيصال ثقافتنا للأخر ونشر قيمنا في إطار المثاقفة الايجابية والواعية.
وإذ يؤكد حزب الاستقلال على أن الهوية المغربية تتشكل من انصهار و تلاحم عدة عناصر من قبيل الانتماء للأرض و الوطن و الدين الإسلامي كعامل جامع و موحد ووجود ذاكرة تاريخية جماعية مشتركة، وإنسية مغربية موحدة، وتراث مميز و تعدد ثقافي و قيم ثابتة وحقوق وواجبات متبادلة بين جميع أبناء وطننا .
سادسا: يؤكد الحزب على الإرادة القوية لكل المناضلات والمناضلين الاستقلاليين من أجل المساهمة في تعزيز مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله؛ وينوه بالأوراش التي يسهر جلالته عليها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والخطوات المهمة التي سار فيها المغرب في هذا الصدد والتي يعتبر من أهمها الورش الملكي للحماية الاجتماعية كإحدى الركائز الأساسية للدولة الاجتماعية، التي يتجسد من خلالها مبدأتكافؤ الفرص بضمان الحد الأدنى للعيش الكريم للمواطنات والمواطنين.