إن المجتمع المدني، وهو يمارس الدبلوماسية الموازية بهذا المعنى، يتعين عليه أن يدفع الدولة الى الإنصات والتعامل معه كقوة اقتراحية ومبادرة، وذلك وفق تحديد واضح لأهدافه، والتزام دقيق بالمصالح الحيوية للبلاد. فهناك مجتمع مدني عامل وفاعل في مجالات التنمية، ويؤثر بشكل ما في السياسات العمومية، ولابد لهذا النوع من الهيئات أن يبلور كفاءة أكبر في اقتحام مجال السياسة الخارجية كذلك، واضعا رهانا مستقبليا في الفعل والتفاعل على مستوى مؤسسات الدولة، من داخل مختلف تنظيمات المجتمع المدني العالمي.
إن دبلوماسية المجتمع المدني تكتسي أهمية كبيرة، بالنظر إلى القضايا التي تحتاج إلى تحرك أكبر وإلى توضيح للمواقف، وكسب للتأييد داخل أوساط المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والرأي العام الدولي. فبعد قضية الوحدة الترابية، التي تعتبر أهم الملفات السياسية المحتاجة إلى تحرك أقوى بغية الوصول إلى حل نهائي، تأتي ملفات أخرى، مثل الملف الاقتصادي وما يتعلق بجلب الاستثمارات وتسويق المنتوج الوطني دوليا، والملف الاجتماعي المتجلي في البحث عن سبل التعاون من أجل تطوير مؤشر التنمية البشرية، والملف الثقافي المتعلق بتوسيع مجال التبادل الثقافي والإعلامي، وهي كلها ملفات تحتاج، حقا، إلى كسب الثقة والمصداقية على المستوى الدولي والارتقاء بالممارسة ذات الصلة، لأن الدولة لا يمكنها أن تبني علاقات تتسم بالديمومة والاستقرار بالاقتصار على الجانب الرسمي، فالتواصل الغير حكومي، بما يحمل من خصائص وإيجابيات، يجعل من الدبلوماسية الموازية مطلبا ضروريا وحيويا تفرضه العديد من المعطيات التي تؤكد على المساهمة الفاعلة للمجتمع المدني. أحمد الصلاي رئيس جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب ورئيس مجلس الإتحاد الشباب الافريقي والمجتمع المدني بإفريقيا وعضو مركز الأطلسي الدراسات الاستراتيجية وتحليل الأمني.